دور المرأة المسلمة في بناء المجتمع وفق ضوابط الإسلام

دور المرأة المسلمة في بناء المجتمع وفق ضوابط الإسلامالحمد لله الذي أكمل الدين وأتم النعمة، وجعل من الإسلام منهجًا متكاملًا يُنظم حياة الإنسان وفق أسس تحقق الكرامة والعدالة، وتضمن الاستقرار الفردي والمجتمعي. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، الذي جاء بالإسلام دينًا يحفظ للمرأة كرامتها، ويضبط مشاركتها في مختلف مجالات الحياة بما يحقق مصلحتها ويصون دينها وعرضها. صلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.مشاركة المرأة في المجتمع ضمن إطار التكريم والضوابطأعطى الإسلام المرأة مكانة رفيعة وفتح لها أبواب المشاركة الفعالة في بناء المجتمع، لكنه في الوقت نفسه وضع ضوابط شرعية تحقق التوازن بين دورها في الحياة العامة ومسؤولياتها الأسرية، مع الحفاظ على كرامتها وحمايتها من أي استغلال. فالمرأة في الإسلام تشارك في مختلف المجالات، لكن هذه المشاركة لا تكون على حساب قيمها الدينية أو مسؤولياتها الأسرية.المرأة في الأسرة: الدور المحوري في بناء المجتمعالأسرة في الإسلام هي اللبنة الأولى في المجتمع، ودور المرأة فيها لا يقل أهمية عن دور الرجل. فقد جعل الإسلام المرأة شريكة في رعاية الأسرة وتربية الأبناء وفق القيم الإسلامية، مما يُسهم في إعداد جيل صالح قادر على المساهمة في نهضة المجتمع. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، وهذا يؤكد أهمية دور المرأة في بناء المجتمع من خلال الأسرة المستقرة القائمة على المحبة والتفاهم.ضوابط مشاركة المرأة في العمل والتعليمفتح الإسلام المجال للمرأة لتتعلم وتعمل بما يناسب طبيعتها واحتياجاتها، لكنه وضع ضوابط تحفظ عليها دينها وعرضها وكرامتها. فقد شجع الإسلام على طلب العلم، وجعل ذلك فريضة على الرجل والمرأة، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”.أما في مجال العمل، فقد أباح الإسلام للمرأة أن تعمل في الوظائف التي تناسبها وتحقق مصلحة المجتمع، على أن تكون هذه الوظائف ضمن إطار الضوابط الشرعية، بحيث لا يؤدي العمل إلى اختلاط غير منضبط أو انتهاك لحدود العفة. قال الله تعالى: “وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ” (الأحزاب: 33)، وهو توجيه لضبط مظهر المرأة في المجتمع بما يحفظ وقارها وكرامتها.التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسريةالإسلام يُقر بأن للمرأة الحق في العمل، لكنه لا يجعل هذا العمل على حساب دورها الأسري. فقد حرص الإسلام على تحقيق التوازن بين دور المرأة في المنزل وحقها في المشاركة في الحياة العامة. وهذا التوازن يضمن استقرار الأسرة، التي هي أساس المجتمع، ويحفظ للمرأة كرامتها دون أن تكون ضحية لضغوط العمل أو الحياة المهنية.دور المرأة في العمل الخيري والاجتماعيشجع الإسلام المرأة على المشاركة في العمل الخيري والاجتماعي، حيث يُعد هذا المجال من أهم ميادين المساهمة في بناء المجتمع. فالمرأة المسلمة، بما تحمله من قيم الإحسان والرحمة، تُسهم في دعم الفئات المحتاجة وتعزيز التكافل الاجتماعي. وقد ضربت نساء الصحابة أروع الأمثلة في العطاء، مثل رفيدة الأسلمية التي كانت تقدم الرعاية الصحية للجرحى.المشاركة السياسية والاجتماعية ضمن ضوابط الإسلامأعطى الإسلام للمرأة حق المشاركة في الشأن العام من خلال المشورة وإبداء الرأي، مع الالتزام بالضوابط التي تحافظ على كرامتها. وقد شاركت النساء في عصر النبي صلى الله عليه وسلم في الشورى واتخاذ القرارات، كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية. لكن الإسلام يحرص على أن تكون هذه المشاركة ضمن أطر تحمي المرأة من أي استغلال أو إساءة.خاتمةدور المرأة المسلمة في بناء المجتمع هو دور أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، لكن الإسلام ضبط هذا الدور ضمن ضوابط شرعية تحقق التوازن بين حقوق المرأة وواجباتها. الإسلام يحفظ للمرأة كرامتها، ويُتيح لها المشاركة الفعالة في جميع المجالات بما يحقق مصلحتها ومصلحة المجتمع. ومن خلال هذه الضوابط، يضمن الإسلام للمرأة أن تكون شريكة في التنمية والبناء دون أن تكون ضحية للاستغلال أو التشتت بين مسؤولياتها.نسأل الله أن يوفق النساء المسلمات لأداء أدوارهن في بناء المجتمع وفق تعاليم الإسلام، وأن يجعلنا من الداعين إلى تحقيق التوازن والعدالة في كل شؤون حياتنا. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *