الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين في الإسلام

الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين في الإسلام

أعده/ عبدالمجيد سلامة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، وجعل التكافل بين المسلمين سببًا لنيل رضوانه، وأوصى بمد يد العون للمحتاجين والمحرومين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي الكريم، الذي كان رحيمًا بالفقراء والمساكين، وجعل السخاء والعطاء من أعظم القربات إلى الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.
لقد جاء الإسلام بمنهجٍ متكاملٍ لرعاية الفقراء والمحتاجين، ورفع من شأنهم، وأوصى بالإحسان إليهم وجعل ذلك طريقًا لنيل الجنة. وأكد النبي ﷺ على هذه القيمة العظيمة حين قال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين”، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، دلالة على القرب الشديد منه في الآخرة. فكان الإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإعانتهم، والاهتمام بحوائجهم من أبرز ما دعا إليه الإسلام، بل جعله من أبواب التقرب إلى الله تعالى.

أهمية الإحسان في الإسلام
الإحسان ليس مجرد عمل تطوعي، بل هو قيمة إنسانية سامية تغرس في النفوس الرحمة والتعاون والتكافل الاجتماعي. وقد ورد الأمر به في القرآن الكريم في أكثر من موضع، حيث قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90). كما أن الله سبحانه وتعالى يحب المحسنين، ويجازيهم بأعظم الجزاء، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ (النحل: 128).
والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين لا يقتصر على تقديم المال فقط، بل يشمل كل صور العطاء، من إطعام الطعام، وكفالة الأيتام، وتقديم العون المادي والمعنوي، والوقوف بجانب الضعفاء.

السخاء والعطاء في سيرة النبي ﷺ
كان النبي ﷺ أسوة حسنة في العطاء والسخاء، حيث لم يكن يرد سائلًا، وكان يعطي دون خوف من الفقر. فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان”. وكان النبي ﷺ يفضل أن ينفق على الفقراء والمساكين بدلاً من أن يدّخر المال لنفسه. فكانت حياته كلها مثالًا عمليًا في الإحسان إلى المحتاجين.
ومن صور سخائه وعطائه:
• كان يطعم الفقراء والمساكين بنفسه، ولم يكن يترك أحدًا جائعًا.
• أعطى رجلًا غنمًا بين جبلين، فلما عاد الرجل إلى قومه قال: “يا قوم، أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر”.
• كان يوصي الأغنياء بمساعدة الفقراء، ويحث على الإنفاق في سبيل الله.

الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين في التشريع الإسلامي
1. الزكاة والصدقات: فرض الإسلام الزكاة كوسيلة لسد حاجة الفقراء، حيث قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (البقرة: 43). كما حث النبي ﷺ على الصدقة، فقال: “ما نقص مال من صدقة”.
2. الإطعام والكسوة: حث الإسلام على إطعام الجائعين، فقال النبي ﷺ: “أيما مسلم كسا مسلمًا ثوبًا على عريٍ، كساه الله من خضر الجنة”.
3. كفالة الأيتام: جعل النبي ﷺ كفالة اليتيم من أعظم القربات، فقال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين”.
4. القرض الحسن: قال الله تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ (البقرة: 245). فقد شجع الإسلام على تقديم القروض بدون فوائد لمساعدة المحتاجين.
5. رعاية الأرامل والمساكين: قال النبي ﷺ: “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله”.

صور الإحسان إلى الفقراء في المجتمع الإسلامي
يمكن أن يظهر الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين في عدة صور، منها:
• دعم الجمعيات الخيرية التي توفر المساعدات للمحتاجين.
• إقامة موائد الطعام للفقراء، خاصة في رمضان.
• تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للفقراء، وعدم احتقارهم أو التقليل من شأنهم.
• تشجيع الأعمال التطوعية التي تساهم في تحسين حياة الفقراء.

ثمار الإحسان في الدنيا والآخرة
1. البركة في المال: قال النبي ﷺ: “ما نقص مال من صدقة”.
2. زيادة الرحمة في المجتمع: حيث يؤدي الإحسان إلى التراحم بين أفراد المجتمع.
3. دخول الجنة: فقد وعد الله المحسنين بجنات النعيم.
4. تفريج الكربات: قال النبي ﷺ: “من فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”.

الخاتمة
لقد جاء الإسلام ليكون نظامًا متكاملًا، يجعل الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين جزءًا لا يتجزأ من حياة المسلم، فتتحقق به روح التكافل، ويتعزز التراحم بين الناس، ويصبح المجتمع أكثر استقرارًا وأمانًا. وكما كان رسول الله ﷺ القدوة في البذل والعطاء، فلنجعل من سنته منهجًا نقتدي به، ونسير على خطاه، طمعًا في محبته ورفقته في الجنة.
🔹 اللهم اجعلنا من المحسنين، ومن المتصدقين، ومن الساعين في قضاء حوائج الناس، واجمعنا بنبينا ﷺ في الفردوس الأعلى. آمين.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *