من تدابير الإسلام في حفظ العرض
عبدالمجيد سلامة
الحمد لله الذي شرع لعباده ما يحفظ كرامتهم، وصان أعراضهم، وجعل العفة والطهارة أساس المجتمع الإسلامي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، النبي الكريم الذي أرشد الأمة إلى مكارم الأخلاق، وحثّ على صون الأعراض وحفظ الحرمات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن حفظ العرض من المقاصد العظمى التي جاءت الشريعة الإسلامية لرعايتها، فهو من ضروريات استقرار المجتمع وصيانة كرامة الأفراد، فالمساس بالأعراض يؤدي إلى انتشار الفساد وانهيار القيم، ولذلك جعل الإسلام حماية العرض ركنًا أساسيًا ضمن الضرورات الخمس، وسنّ التشريعات التي تحميه من الاعتداء أو التلاعب، سواء كان ذلك بالزنا، أو القذف، أو انتهاك الحرمات، أو إشاعة الفاحشة بين الناس.
أهمية حفظ العرض في الإسلام
يعد العرض في الإسلام أغلى ما يملكه الإنسان بعد دينه ونفسه، فهو رمز الشرف والكرامة، ولذلك جاءت أحكام الشريعة واضحة في حمايته، حيث حرمت الزنا والفواحش، وفرضت الستر والعفة، وعاقبت القذف والافتراء، كما دعت إلى الزواج الشرعي لحفظ الأنساب ومنع الاختلاط المحرم.
وقد أدركت المجتمعات البشرية أهمية حفظ العرض، إلا أن الإسلام وضع منظومة متكاملة تحقق هذا الهدف من خلال التوجيهات الأخلاقية والتشريعات القانونية الرادعة.
التدابير الشرعية لحفظ العرض
أولًا: تحريم الزنا والفواحش والتشديد على خطورتها
- تحريم الزنا واعتباره من كبائر الذنوب:
- الزنا من أعظم الجرائم التي تهدد العرض وتؤدي إلى فساد المجتمع، ولذلك شدد الإسلام على تحريمه، فقال الله تعالى:
“ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” (الإسراء: 32). - وقد قرر الإسلام عقوبة رادعة للزاني، حيث قال تعالى:
“الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة” (النور: 2).
- الزنا من أعظم الجرائم التي تهدد العرض وتؤدي إلى فساد المجتمع، ولذلك شدد الإسلام على تحريمه، فقال الله تعالى:
- الأمر بالحجاب والستر:
- الإسلام فرض الحجاب على المرأة، وأمر الرجال بغض البصر لحماية المجتمع من الفتنة، قال تعالى:
“قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم…” (النور: 30). - كما فرض الإسلام اللباس المحتشم للرجال والنساء لحفظ العرض وصيانة العفة.
- الإسلام فرض الحجاب على المرأة، وأمر الرجال بغض البصر لحماية المجتمع من الفتنة، قال تعالى:
- النهي عن التبرج وإثارة الفتنة:
- حذّر الإسلام من التبرج الذي يؤدي إلى إثارة الشهوات ويهدد أخلاق المجتمع، قال تعالى:
“ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى” (الأحزاب: 33).
- حذّر الإسلام من التبرج الذي يؤدي إلى إثارة الشهوات ويهدد أخلاق المجتمع، قال تعالى:
ثانيًا: تحريم القذف والافتراء لحماية الأعراض
- تحريم قذف المحصنات المؤمنات:
- الإسلام شدد على تحريم اتهام الناس بالباطل ونشر الشائعات، فقال تعالى:
“إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم” (النور: 23).
- الإسلام شدد على تحريم اتهام الناس بالباطل ونشر الشائعات، فقال تعالى:
- تشريع حد القذف:
- وضع الإسلام عقوبة 80 جلدة لمن يقذف غيره بالزنا دون دليل، لحماية الأعراض من الافتراءات الكاذبة.
- قال تعالى: “والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا” (النور: 4).
- الأمر بالستر وعدم إشاعة الفاحشة:
- الإسلام لا يقبل نشر الفضائح وتتبع العورات، قال النبي ﷺ: “من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة” (رواه مسلم).
ثالثًا: تشجيع الزواج الشرعي لحفظ العرض والنسل
- الأمر بالزواج وتحريمه للتلاعب بالعلاقات:
- الإسلام جعل الزواج الوسيلة المشروعة لحفظ الأعراض وصون الأنساب، فقال النبي ﷺ: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج” (متفق عليه).
- تحريم العلاقات غير الشرعية:
- أي علاقة خارج إطار الزواج تعتبر محرمة، سواء كانت صداقة محرمة، أو خلوة غير شرعية، أو غير ذلك من الممارسات التي قد تؤدي إلى انتهاك العرض.
- تشجيع التيسير في الزواج:
- الإسلام حث على تيسير الزواج ومنع المغالاة في المهور، حتى لا يقع الشباب في الحرام بسبب صعوبة الزواج.
رابعًا: حماية المجتمع من الفساد والانحراف الأخلاقي
- مواجهة الإعلام الفاسد والمحتوى المخلّ:
- الإسلام يحارب كل ما ينشر الفساد الأخلاقي، سواء كان ذلك عبر الإعلام الفاسد أو المواقع الإباحية أو أي وسيلة تحرض على الفاحشة.
- فرض الحياء كخلق إسلامي أصيل:
- الحياء هو صمام الأمان لحفظ العرض، وقد قال النبي ﷺ: “الحياء لا يأتي إلا بخير” (رواه البخاري).
- محاربة الفساد الأخلاقي بالحدود والتشريعات:
- وضع الإسلام حدودًا للزنا، وحدًا للقذف، وحدودًا تمنع أي مساس بالأعراض، وكل ذلك لحماية المجتمع من الانحراف.
خاتمة
الحمد لله الذي حفظ الأعراض، وسنّ لنا من الأحكام ما يصونها من الفساد والانحراف، ونسأله سبحانه أن يرزقنا الطهر والعفاف، وأن يجعلنا من أهل الحياء والاستقامة، وأن يحفظ أعراضنا وأعراض المسلمين، وأن يعيننا على تطبيق شرعه في حياتنا. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.