حفظ السماوات

في عام 2013 ميلادية، اكتشف العلماء وجود ذيل مغناطيسي ضخم يحيط بالمجموعة الشمسية ليحفظها من اجتياح النيازك والحجارة السماوية التي إذا أصابت الأرض والمجموعة الشمسية كدرت الحياة عليها.
فتخرج من الشمس رياح شمسية بسرعة تقدر بملايين الكيلومترات في الساعة لتحيط بالأرض مشكلة زيلا يمنع الشهب والنيازك من الوصول إلى الأرض إلى ما شاء الله لها أن تصل لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.

ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم أن السماء سقف محفوظ، ولم يذكر تحديدا محفوظ من أي شيء ليبقي محفوظ مما نكتشفه فيجدد الإيمان بالله في القلوب، ويبقي محفوظ أيضا مما تكتشفه الأجيال القادمة فيجدوا مصداقا لكشفهم هذا في كتاب الله فيسوقهم إلى الله، فالقرآن أنزل ليبقي حجة وهداية لجميع الخلق إلى يوم القيامة ولا يقتصر على زمان دون زمان، وهذا من أوجه إعجازه.

والمتأمل هنا لقول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 32]، يرى أن محمد بن عبدالله قد أخبر بحقيقة أثبتها العلم الحديث، وهي حفظ السماء.
بل أضاف معنى جديدا وحقيقة ثابتة، وهي بيان من القائم بحفظ السماء، وهذا ما يعجز العلم التجريبي عن إثباته، إذا لا يخضع الله للتجريب، بل يعلم الله بالقلب عند التفكر في آياته الكونية الموجودة في كل شيء خلقه الله تعالى، ويعلم بالوحي على الذي أرسل به رسله، فالتفكر في خلق الله ينبيء أن للكون إله والوحي ينبيء عن أسماء هذا الإله وأفعاله وصفاته وماذا يريد من خلقه، وما هي نوعية العلاقة بينه وبينهم، وماذا أعد لمن آمن به من النعيم وماذا أعد للكافرين به المعرضين عن آياته الدالة على وجوده من الحجيم.

إن محمدا بن عبدالله قد دل البشرية على أن السماء محفوظة وأن الله هو الذي يقوم على حفظها، بل يحفظ خلقه على الأرض وفي قلب البحر وجو السماء، فهو يحفظهم على الأرض من تحتهم ويحفظهم من فوقهم بكل أنواع الحفظ، فيحفظهم بتسخير الأرض والجو والبحار والدواب لهم بما يصلح حياتهم على الأرض حتى يقوموا بمهمة عبادته التي أختبرهم بها، ويحفظهم كذلك من فوقهم بصرف ما يؤذيهم أو يؤذى الأرض التي يعيشون عليها، كما في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [سبأ: 9] والكسف أي القطع من العذاب، وهل الكويكبات الصغيرة التي يبلغ قطرها 2 كيلو متر أو أزيد أو أقل،وما هي بالنسبة للأرض إلا قطع إذا سقطت عليها عذبت سكانها.

بل ويحفظ الله السماوات أيضا وهذا ما يعجز العلم التجريبي عن إثباته، فالعلم لا يستطيع تخطي السماء الدنيا إلى التي تليها، مع العلم أن التوراة تثبت أن الله خلق سبع سماوات، لكنها لا تقدم جديدا للبشرية بما يخص هذه السماوات، أما محمد بن عبدالله فقد بين أن الله يحفظ السماوات السبع أيضا وليس سماءنا الدنيا فقط، قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] فالآية تبين أن الله يحفظ السماوات والأرض ولا يتعبه حفظهما، مع أن كل الدراسات الفلكية لم تصل إلا إلى الجزء المنظور من السماء الدنيا، أما أن يحيط بآخر جزء في السماء الدنيا فلم يزل العلم عاجز عن إدراك هذه الحقيقة ولم يستطع بكل أجهزته وأقماره وسفنه الفضائية أن يرى ماذا عند نهاية السماء الدنيا، فكيف يحيط علما بما في السماوات السبع.
وها هو القرآن يبين أن الله تعالى قد أوحي في كل سماء ما يخصها وما يقوم به أمرها، وليس فقط مجموعتنا الشمسية، ولا سماءنا الدنيا فقط، وقال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت: 12]
بل وأشار في الآية إلى المصابيح والحفظ فقرن بينهما، وهل المصابيح إلا النجوم، فهل هذه الآية تشير إلى ما يخرج من المصابيح على هيئة ذيول فيحفظ بها ما يتبعها من كواكب؟ وهل الشمس إلا مصباح من هذه المصابيح؟
وهل هذه الآية تشير إلى أن كل النجوم تخرج ذيلا وليس الشمس فقط، فتكون هذه الآية مثبتة لسبق علمي لم يصل إليه العلماء حتى لحظتنا هذه من شهر ذي الحجة عام 1439 من الهجرة؟

بل وبين نوعا آخر من أنواع الحفظ وهو حفظها من الشياطين، قال تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر: 17]
أي حفظ السماء الدنيا من كل شيطان طريد من رحمة الله، فلا يستطيع أن يتعدي حده أو يتلصص على من في السماوات من الملائكة، وهذه أيضا نقطة تحير العلماء وهي هل في السماوات مخلوقات عاقلة؟ هل في الكون مخلوقات أخرى غير الإنسان؟ حتى نسجوا لإجابة هذا السؤال صورا خيالية حولوها لأعمال درامية، وجاءوا بمخلوقات خيالية ممسوخة على أنها سكان معنا في الكون، وما زالوا يتخبطون وهم يسمون أنفسهم أنهم أصحاب الحضارة الحديثة، ويصفون العصر الذي عاش فيه محمد بن عبدالله بأنه دون عصرهم في التحضر والرقي، ووالله لهم المتخلفون عن ركب حضارته، وسمو دينه.
جاءوا بخيالات ومخلوقات ممسوخة على أنها تسكن السماء، في حين أن محمدا بن عبدالله قد أجابهم قبل 14 قرنا من الزمان أن في السماء سكان من الملائكة، وأنهم عباد مكرمون، منهم الساجد والراكع والقائم، فسكان السماء عند محمد، عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون.
منهم من يقوم بمهام أخرى من حفظ السماوات ومنع الشياطين أن تعيث فيها فسادا، وجعل منهم الحفظة التي تحفظ العباد فلا يصلهم مكروه ولا شيء إلا ما كتبه الله لهم أو عليهم، قال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]
نعود لنتسائل من علم محمد بن عبدالله بأن السماء محفوظة؟ ومن الذي أوحي إليه بحقائق لم يصل العلم التجريبي إلى اكتشافها حتى الآن؟ ..

نشأة الكون وانهياره

أثبت العلماء أن الكون نشأ في لمحة بصر، والمقصود بالكون عندهم السماء الدنيا بما فيها من مجرات، وذلك لأنهم لم يستطيعوا حتى الآن تخطي السماء الدنيا لدراسة ما وراءها من سماوات أخرى وما بين السماوات، فلقد سبق القرآن وبين أن الله خلق سبع سماوات وسبع أراضين وجعل بينهما ما جعل مما يعلمه سبحانه وتعالى ولا يعلمه غيره إلا من شاء الله.
أقول هذا الكلام من واقع عقيدتي كمسلم يؤمن بما نزل على محمد بن عبدالله رسول الله وخاتم أنبيائه صلى الله عليه وسلم.
فالعلماء التجريبيون أثبتوا بالمعادلات وما توصلوا إليها من فتوحات في مجال العلم التجريبي أن السماء الدنيا بكواكبها ومجراتها وما فيها قد خلق في ثانية، ونحن المسلمين نحدد لهم أنها خلقت في أقل من ثانية بل الثانية زمان طويل أطول بكثير من الزمن المستغرق في خلق السماء بل وخلق السماوات أيضا.

قال تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل: 77]، قوله تعالى: {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: بل هو أقرب، فيجوز في العربية استعمال بعض الأحرف مكان بعضها، كما في قوله تعالى عن فرعون لما صلب السحرة على جذوع النخل قال: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} [طه: 71]، قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} مع أنه صلبهم على جذوع النخل لا في داخلها، وقال أهل العربية أن استعمال حرف (في) بدلا من (على) في هذه الآية لبيان شده ربطه لهم في جذوع النخل لتنكيله بهم حتى كأنهم من شدة ربطهم كأنهم هم والنخل سواء.
فقال تعالى هنا {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} بمعني: أنه أقرب من لمح البصر، ولمح البصر يأخذ أجزاء من الألف من الثانية، فيكون الوقت المستغرق لقيام القيامة أقل من الثانية. وقال تعالى في آية أخرى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]، فانظر إلى قوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِين َ} أي جعل الله الإعادة كالبداية، وإن كانت الإعادة في أقل من ثانية فبلا شك أن البداية كانت في أقل من ثانية.
هذا ما أخبر به محمد بن عبدالله قبل 14 قرنا من الزمان، فهل ما جاء به قبل هذه القرون هو ما جاء به عشرات العلماء عبر مئات التجارب وآلاف المعادلات؟ أم أن محمد بن عبدالله أضاف على هذا أشياء جديدة يسبق بها العلم التجريبي؟
أثبت العلماء المعاصرون أن خلق الكون ويقصدون به السماء تم في ثانية وقال محمد بن عبدالله بل خلق السماء الدنيا ومعها السماوات كان في أقل من ثانية.
وزاد على ذلك أن أي شيء يريد الله أن يقضيه في الكون إنما يكون بقوله تعالى كن، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [غافر: 68].
وقال تعالى عن السماوات {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت: 12]، وقوله {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} أي: ما أراد أن يكون فيها من الخلق والأعمال، فهل يستطيع العلماء إدراك شيء من ذلك مما في السماوات الأخرى التي يؤمن بها أهل الكتاب؟
فمن الذي أخبر محمد بن عبدالله بما لم يتوصل العلم الحديث إليه إلا بعد رحيله بأزيد من 14 قرن من الزمان؟ أليس الله العليم القدير؟ ..

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *