من محاسن الإسلام: العدالة في الإسلام – نظام قضائي يحمي الحقوق ويصون الكرامة
الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الظلم والطغيان، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي جاء رحمة للعالمين، وحاملاً رسالة العدل والسلام. إن العدالة هي أساس قيام المجتمعات المستقرة، وقوام الحضارات الراسخة، وهي قيمة أرسى دعائمها الإسلام في تشريعاته وتعاليمه. من محاسن هذا الدين العظيم أنه أقام نظامًا قضائيًا محكمًا يهدف إلى تحقيق العدل بين الناس، وصيانة حقوقهم، وحفظ كرامتهم، مما جعله منارة يهتدي بها العالم في تحقيق التوازن والإنصاف.
العدالة في الإسلام:
لقد جاء الإسلام ليؤسس نظامًا قضائيًا شاملاً ومتكاملاً يُعلي من شأن العدالة كقيمة محورية في حياة الإنسان. ويستمد هذا النظام أصوله من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، اللذين أكدا على أهمية العدل كركيزة أساسية للحياة الاجتماعية والسياسية. يقول الله تعالى: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» (النحل: 90)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا».
ملامح النظام القضائي في الإسلام:
- تحقيق المساواة: يضمن الإسلام معاملة الجميع أمام القضاء دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين، مما يعزز شعور الناس بالطمأنينة والثقة.
- استقلالية القضاء: يتميز النظام القضائي في الإسلام باستقلاليته التامة عن السلطات الأخرى، مما يحفظ نزاهته ويحول دون أي تأثير خارجي.
- حماية الحقوق: يعمل الإسلام على صيانة الحقوق بمختلف أنواعها، مثل حقوق الفرد والمجتمع، وحقوق المرأة والطفل، وحقوق الجار.
- منع الظلم: يحرص الإسلام على تحريم الظلم بكل صوره، انطلاقًا من قول الله تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا».
- ضمان المحاكمة العادلة: يعتمد النظام القضائي في الإسلام على سماع الطرفين، والتثبت من الأدلة، وضمان حق المتهم في الدفاع عن نفسه.
- الرحمة في تطبيق العقوبات: رغم صرامة العقوبات في بعض الحالات، إلا أن الإسلام يراعي الظروف الإنسانية ويشترط توفر أدلة قطعية قبل إنزال العقوبة.
العدالة كمظهر من محاسن الإسلام:
إن من أبرز مظاهر محاسن الإسلام أنه جعل العدالة أساسًا لحكمه وتشريعاته، وسعى لتحقيقها في كل مناحي الحياة. لقد تجلت هذه العدالة في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، وفي نظام المحاكم الإسلامية التي راعت حقوق الجميع بغض النظر عن مكانتهم أو انتماءاتهم. وبهذا، أصبح النظام القضائي الإسلامي نموذجًا يُحتذى به في النزاهة وتحقيق العدل.
الخاتمة:
وفي الختام، نحمد الله تعالى الذي جعل الإسلام دينًا يزخر بالقيم السامية والمبادئ العظيمة، ومنها العدالة التي تُعد إحدى ركائز هذا الدين العظيم. إن تطبيق مبادئ العدالة الإسلامية كفيل بأن يحقق الأمن والاستقرار والازدهار في المجتمعات كافة. نسأل الله أن يوفقنا للتمسك بتعاليم ديننا والعمل بها، وأن يجعلنا ممن يساهمون في نشر قيم العدالة والحق بين الناس، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين