لماذا لم يمت محمد_رسول الله صلى الله عليه وسلم_ قبل إكمال رسالته؟

عندما يرغب الباحث عن الحقيقة في معرفة من هو محمد صلى الله عليه وسلم، فالمنهج السليم يوجب عليه عليه أن يعود إلى الكتاب المنزل عليه لأنه فيه آيات تتكلم عنه وعن أخلاقه وطباعه وصفاته، وما يميزه عن غيره من الأنبياء، وفيه دلائل كثيرة على صدق نبوته، بل وفيه معان وجدت في التوراة والإنجيل الكتابين الذين احتويا على كثير من دلائل نبوته الشيء، مع ما اعتراهما من تغيير وتبديل وتحريف، فمعرفة محمد صلى الله عليه وسلم من خلال ما تركه من وراءه وهو الكتاب المنزل عليه من السماء وسيرته التي صحت عنه، أمر في غاية الضرورة، لأن معرفة الإنسان من تراثه أفضل وأصوب وأقرب إلى الحق من معرفة الإنسان من كلام الناس عنه.
فكلام الناس عن إنسان ما يحتمل الصدق ويحتمل الكذب والبهت والإفتراء وما أكثر الكذب والإفتراء على محمد ودينه في العالم الغربي اليوم كأروبا وغيرها من البلاد التي تدين بالنصرانية، وذلك لأن النصرانية اليوم تقودها اليهودية واليهود قوم بهت كما وصفهم عبدالله بن سلام عالمهم وابن عالمهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم القتال للأنبياء عموما والحساد لمحمد وأمته خصوصا.
الآيات التي تتكلم عن محمد في القرآن كثيرة منها قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)} [الحاقة: 38 – 47]

في الآيات الكريمات، يبين الله صدق نبوة نبيه محمد، وأن الكلام الذي يقوله إنما يقوله عن الله، يتكلم به لأن الله أمره أن يتكلم به، فهو وحي من الله يتكلم به محمد، وليس بقول شاعر فليس ما يقوله من جنس كلام الشعراء لا بكلام كاهن فليس ما يتكلم به جنس كلام الكهان ولا سجعهم ولا خلطهم، بل هو كلام منزل من رب العالمين، ولو كان هذا الكلام افتراه محمد من عند نفسه، لكان الله قد قتله، وما تركه، فترك محمد حي يرزق دليل على أنه يتكلم بكلام الله وأن الله يرى ذلك ويرضاه وأنه بعثه، لأن الله قادر على أن يقتل من يفترى عليه الكذب بأن يقطع منه الوتين وهو شريان متصل بالقلب إذا انقطع مات الإنسان، ولو أراد الله أن يفعل به هذا ما استطاع أحد أن يحجزه عن الله، لأنه القادر على كل شيء.
و الناظر في سفر التثنية الإصحاح 18 الفقرة 20 ليرى فيها معنى مشابها لهذا: (20 – وأما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي.)
فالقرآن يبين أن من يفترى على الله الكذب ويقول على الله ما لم يقله الله يقتله، ونرى أن محمدا صلى الله عليه وسلم عاش حتى بلغ الرسالة ونزلت عليه آية يقول الله فيها: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]
فمعنى هذا على حسب القرآن أن محمدا صادق ولم يقل على الله ما لم يأمره به، ونحن المسلمين نصدق القرآن ونصدق محمدا صلى الله عليه وسلم ونعلم أنه نبي الله حقا وصدقا.
ولكني أسائل أهل الكتاب، الذين يؤمنون بهذه الفقرة الواردة في سفر التثنية، لماذا لم يمت محمد قبل إتمام رسالته إذا لم يكن نبيا؟ ولماذا تركه الله يكمل رسالته؟ أم أن الله رضى به وبفعله وآذره ونصره حتى أتم رسالته؟ أم أنه لا هذه ولا تلك ولكن هذه الفقرة محرفة وليست من الكتاب المقدس.

أم أنها فقرة صحيحة لم يتم تحريفها، وأن الذي أوحاها في الكتاب المقدس هو نفسه الذي أوحى الآيات السابق ذكرها في القرآن والتي تبين هذا المعني وتزيد عليه حقيقة علمية شأن القرآن أنه إذا ذكر معنى مشابه لمعنى ورد في كتب أهل الكتاب فإنه يزيد معه معاني أخرى ليكون القرآن أجمع وأوعى للمعاني مع نظم للكلام والمعاني بديع لم تشهد البشرية قبله مثله ولن تشهد بعده مثله، لأنه الكتاب الأخير، الكتاب المقدس بحق الذي لا يحتاج الناس في وجوده إلى كتاب سماوى آخر؟ وأننا إذا أسمينا التوراة والإنجيل بالكتاب المقدس فإنما نخاطب الناس بما استعملوه من مصطلحات، لا بما نؤمن لأننا نؤمن أن الكتاب المقدس بحق هو القرآن الكريم.
الحقيقة أن كل الإحتمالات السابقة حلوها مر لمن لا يتبع ما يدله عليه العقل، فالعقل يحيل أن يرى الله ويعلم أن محمدا يفترى عليه شيئا لم يوحيه إليه ويسكت وهو القادر على أن لا يتركه يضل عباده، وأن الحقيقة أن محمد رسول أرسله الله ليهدي عباده إليه ويأمرهم بعبادة الله وحده.
ويستحيل أن يغير الله كلامه وهو قد أخبر في الكتاب المقدس أن النبي الذي يطغى فيكلم الناس باسمه كلاما لم يوصه ان يتكلم به أو يتكلم باسم آلهة أخرى أنه يموت ذلك النبي، لكنا نرى أن الله ترك محمدا حتى أعلن أنه أكمل الدين الذي أرسل الله به؟

ثم نتسائل سؤالا آخر، كيف لمحمد الذي لا يعلم شيئا في التوراة والإنجيل ولا يعلم لغتهما بل ولا يعرف القراءة لا بالعربية ولا بغيرها، أن يأتي بهذا المعني الموجود في كتب أهل الكتاب؟ فمن أخبره بهذا المعني الموافق للعدل الإلهي، بل وزاد معه حقيقة علمية أن من صور القتل التي يقتل الله بها من يفترى على الله الكذب أن يقتله بقطع الوتين وهو الشريان المتصل بالقلب، كيف لمحمد أن يعلم هذا المعني الموجود في الكتاب المقدس ويربطه بهذه الحقيقة التشريحة وهو لا يعلم شيئا عن الكتاب المقدس ولا عن الطب، فإن كان هذا حاله فمن أخبره بهذا في قلب الصحراء؟

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *