السحاب الثقال
قال زيد بن عمرو بن نفيل، رحمه الله أبياتا من الشعر، وكان زيد يتعبد لله على بقايا ملة إبراهيم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيها ”
وأسلمتُ وجْهِي لمنْ أسْلَمَتْ *** لَهُ المُزْنُ تَحْمل عَذْبا زُلالا
وأسلَمْتُ وَجْهي لمن أسلَمَتْ *** له الأرض تحملُ صَخرًا ثقالا
فكانت العرب كما يظهر من شعر زيد ترى السحاب تحمل الماء، لكنها لم تهتم لمسألة وزنها، فها هو زيد لما أشار إلى الثقل، أشار إلى الصخور فذكر ثقلها ولم يشر إلى ثقل المزن التي هي السحاب.
ولكن لما تكلم القرآن المنزل على محمد بن عبدالله عن السحاب ذكرها ثقلها في أكثر من آية، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 57]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: 12].
وهكذا نرى القرآن يذكر ثقل السحاب، في حين أن العرب لم يذكروا هذا في أشعارهم التي سبقت نزول الوحي على محمد بن عبدالله تعالى، فأضاف لهم القرآن حقيقة علمية جديدة.
حقيقة علمية علمها المسلمون، الأمي منهم والقاريء، العامي منهم والعالم، ليأتي بعد ذلك العلم التجريبي في زماننا هذا فيكتشف أن السحاب الذي يمر فوق رؤسنا، والذي قد نظنه خفيفا لأن الرياح تحمله بعيدا عن رؤسنا وتنقله من مكان إلى مكان آخر، في سهولة ويسر، ليس خفيفا بالمرة بل ثقيل جدا حتى أن السحابة الواحدة لتبلغ مئات الأطنان وزنا.
بعد كم قرن من الزمان اكتشف العلماء التجربيون هذا؟
بعد أزيد من 14 قرنا من الزمان، أي أن البشرية بعلمائها وباحثيها تأخرت عن حضارة محمد بن عبدالله ب 14 قرنا من الزمان.
فإن لم يكن محمد بن عبدالله، قد أرسله الله للناس نبيا ورسولا، فمن الذي أخبره وحده دون البشر قبل 14 قرن من الآن في قلب الصحراء، حيث لا أجهزة علمية متطورة ولا مختبرات؟